فضل صيام شهر شعبان
ذكّرت نفسي وأحببتُ أن أُذكِركُم ،,قد يطول المقال ولكن ما هي إلا كلمات آتمنى أن تلامسها قلوبنا وعقولنا قبل فوات الآوان ،,
هاهي قد وضعتها لتتآملوها،,وعسى الله يبارك لكم وتغتنوها من فرصه ,،
مضى رجب وما أحسنت فيه *** وهـــــــذا شهر شعبان المبارك
يا مضيع الأوقات جــــهلا بحر *** مـــــــــتها أفق واحذر بوارك
فسوف تفارق اللذات قــــــسرا *** ويخلي الموت كرها منك دارك
تدارك ما استطعت من الخطــــايا *** بتوبة مخلص واجعل مدارك
على طلب السلامة من جحـــــيم *** فخير ذوي الجرائم من تدارك
قال ابن رجب رحمه الله : صيام شعبان أفضل من صيام الأشهر الحرم ، وأفضل التطوع ما كان قريب من رمضان قبله وبعده ، وتكون منزلته من الصيام بمنزلة السنن الرواتب مع الفرائض قبلها وبعدها وهي تكملة لنقص الفرائض ، وكذلك صيام ما قبل رمضان وبعده ، فكما أن السنن الرواتب أفضل من التطوع المطلق بالصلاة فكذلك يكون صيام ما قبل رمضان وبعده أفضل من صيام ما بَعُد عنه .
وَعَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اَللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ: كَانَ رَسُولُ اَللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَصُومُ حَتَّى نَقُولَ لَا يُفْطِرُ, وَيُفْطِرُ حَتَّى نَقُولَ لَا يَصُومُ, وَمَا رَأَيْتُ رَسُولَ اَللَّهِ صلى الله عليه وسلم اِسْتَكْمَلَ صِيَامَ شَهْرٍ قَطُّ إِلَّا رَمَضَانَ, وَمَا رَأَيْتُهُ فِي شَهْرٍ أَكْثَرَ مِنْهُ صِيَامًا فِي شَعْبَانَ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ، وَاللَّفْظُ لِمُسْلِمٍ
قال الفقيه العلامة محمد بن صالح العثيمين رحمه الله في حديث عائشه رضي الله عنها:
أولا عائشة رضي الله عنها وغيرها من أمهات المؤمنين عندهن من العلم بحال النبي صلى الله عليه وسلم في بيته ما ليس عند غيرهن ولهذا كان النفر الثلاثة الذين سألوا عن عمل النبي صلى الله عليه وسلم في السر إنما سألوا زوجاته لأنهن أعلم وهذا من فوائد تعدد زوجات النبي صلى الله عليه وسلم من أجل أن يحفظن من أعماله في السر ما لا يحفظه غيرهن
تقول {كَانَ رَسُولُ اَللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَصُومُ حَتَّى نَقُولَ لَا يُفْطِرُ }
يعني يصوم ويكثر الصوم وعلى العكس من ذلك وهذا غير الصيام المعتاد الذي كان النبي عليه الصلاة والسلام يعتاده
لماذا يموه؟ لأن النبي صلى الله عليه وسلم إمام الأمة وقائد الأمة تعتريه أشغال وأحوال يكون فيها بعض العبادات أفضل من بعض فيراعي النبي صلى الله عليه وسلم ما هو أفضل
ولهذا نحن نجزم أنه ما خرج مع كل جنازة ولا صام كل يوم ولا يوما وأفطر يوما
وهكذا ينبغي للإنسان لأن يكون سائسا لنفسه ، إذا رأى فيها إقبالا على عمل ما وهو عمل صالح يفعل ما لم يشغله عن فريضة
ومنه أخذ العلماء تلك القاعدة المشهورة : وهو ما قد يعرض للمفضول ما يجعله أفضل من الفاضل ، كل ذلك باعتبار المصالح .
لكن التبادل إنما هو في أعمال التطوع فقد يكون هذا الشخص يصوم ونقول إن الصوم لك أفطر وهذا الشخص يفطر ونقول إن الفطر لك أفضل
حتى قال العلماء لو أن طالب العلم إذا صام حصل له كسل وتعب ولم يجد نشاطه في طلب العلم ، قالوا الأفضل أن يفطر لأن طلب العلم افضل من الصوم
وكذلك أيضا لو الإنسان رأى أنه تعب أو مل من الصلاة فنقول له نم فالنوم أفضل .
قولها { وما رأيته استكمل صيام شهر قط إلا رمضان } :
إذا الرسول عليه الصلاة والسلام لا يصوم الشهر المحرم مع أنه قال لما سئل أي الصيام أفضل قال شهر الله المحرم وهو عليه الصلاة والسلام وإن صام في محرم لا يستكمله قطعا .
قالت ( وما رأيته في شهر أكثر منه صياما في شعبان )
وظاهر كلامها حتى في محرم قيل لأن هذا الشهر شهر يغفل فيه الناس بين رجب ورمضان فأحب صلى الله عليه وسلم أن يكون فيه متعبدا وقيل بل لأن شعبان في مقدمة يدي رمضان
وقيل من أجل أن يمرض نفسه على الصوم ليتقبل رمضان
وتعدد العلل مما يزيد الحكم قوة
العبادات المستحبة في شعبان
أما ما كان يحرص عليه الرسول في هذا الشهر :
ــ الصوم: فقد كان من أكثر الأعمال التي يحرص عليها الرسول الكريم في شهر شعبان ،ففي روايةٍ لأبي داود عن عائشة- رضي الله عنها- قالت: "كَانَ أحَبّ الشّهُورِ إلَى رَسُولِ الله- صلى الله عليه وسلم-ُ شَعْبَانُ فكان يكثر الصيام فيه ثُمّ يَصِلُهُ بِرَمَضَانَ". صحَّحَه الألبانيّ انظر صحيح سنن أبي داود، وإنَّ من الاقتداء برسولنا صلى الله عليه وسلم أن نحب ما أحبه رسول الله.
وعن عائشة رضي الله عنها قالت: "كَانَ رسولُ اللهِ يَصُومُ حتى نقول: لا يُفْطِر، ويُفْطِر حتى نقول: لا يَصُوم، وما رأيتُ رسولَ اللهِ استَكْمَلَ صِيامَ شَهْرٍ إلاَّ رمضانَ، وما رَأيتُه أكثر صيامًا منه في شعبان" (رواه البخاري ومسلم) وفي رواية لمسلم:"كَانَ يَصُومُ شَعْبَانَ كُلّهُ، كَانَ يَصُومُ شَعْبَانَ إِلاّ قَلِيلاً"، الله: كان صيامه في شعبان تَطَوَّعًا أكثر من صيامه فيما سواه وكان يصوم معظم شعبان.
وترجع فوائد الصيام في شهر شعبانإلي أنَّ صيامه كالتمرين على صيامِ رمضان لئلا يدخل في صوم رمضان على مشقة وكلفة، بل يكون قد تمرَّن على الصيام واعتاده فيدخل رمضان بقوة ونشاط.
ــــ المحافظة على الصلوات الخمس في جماعة: وقد تعددت الأحاديث التي ذكرت لنا فضل المحافظة على صلاة الجماعة والترهيب من تركها مع القدرة عليها، فعن ابن عمر- رَضيَ اللَّهُ عَنهُ- أن رَسُول اللَّهِ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّم- قال: "صَلاةُ الجَمَاعَةِ أَفْضَلُ مِن صَلاَةِ الفَذِّ بِسَبْعٍ وَعِشْرِينَ دَرَجَة" (مُتَّفَقٌ عَلَيهِ) والفَذّ أي المنفرد، يقال: فَذَّ الرجل من أصحابه إذا بَقِيَ منفردًا وحده .
قراءة القرآن وختمه وحفظه ومراجعته: وبما أن شعبان يأتى كمقدمة لرمضان فإنه يكون فيه شيء مما يكون في رمضان من الصيام وقراءة القرآن والصدقة، قال سلمة بن سهيل كان يقال: شهر شعبان شهر القُرَّاء، وكان حبيب بن أبي ثابت إذا دخل شعبان قال: هذا شهر القُرَّاء، وكان عمرو بن قيس المُلائي إذا دخل شعبان أغلق حانوته وتفرَّغ لقراءة القرآن.
وهذا من أعظم أبواب الخير، وله من الفضل والأجر الكبير عند الله عزَّ وجل، فعن عَبْدِ الله بنَ مَسْعُودٍ قال: قالَ رَسُولُ الله- صلى الله عليه وسلم-: "مَنْ قَرَأَ حَرْفَاً مِنْ كِتَابِ الله فَلَهُ بِهِ حَسَنَةٌ وَالْحَسَنَةُ بِعَشْرِ أَمْثَالِهَا لاَ أَقُولُ آلم حَرْفٌ، وَلَكِنْ أَلِفٌ حَرْف ولامٌ حَرْفٌ وَميمٌ حَرْفٌ"، رواه الترمذي وقال: هذا حديثٌ حسنٌ صحيحٌ .
ـــ الدعاء لقبلة المسلمين الأولى: ففي شهر شعبان كان تحويل قبلة المسلمين من المسجد الأقصى إلى المسجد الحرام {قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاءِ فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضَاهَا فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَحَيْثُ مَا كُنتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ} (البقرة: من الآية 144)، ولا أقل ونحن نرى ما يحدث للمسجد الأقصى أولى القبلتين أن نتذكره ولو بالدعاء أن يعيده الله لنا وأن يحرره من أيدي اليهود المغتصبين.
التعود على قيام الليل:فكثير من المسلمين لا يحرص على قيام الليل إلا في رمضان، ومَن يحرص عليها في رمضان يجد في الحرص عليها مشقة كبيرة، وأرى أنَّ سبب ذلك هو عدم التعود على القيام في غير شهر رمضان، وحين تُفاجئنا صلاة القيام في رمضان نجد مشقةً كبرى في المحافظة عليها، ولو أنَّ أجسامنا تعودت قبل رمضان وطوال العام على صلاة القيام مَا وجدنا مشقةً في المحافظة عليها في رمضان، فلا أقل من أن تحرص على صلاة القيام في شعبان من باب التعود على القيام قبل رمضان، ولو بركعتين خفيفتين في جوف الليل.
ــ إصلاح ذات البَيْن: فكما سبق في الحديث أنَّ شهر شعبان هو الشهر الذي تُعرض فيه الأعمال على الله عزَّ وجل، فأَحَبَّ النبيُّ- صلى الله عليه وسلم- أن يكون على حالة من الطاعة وقت عرض الأعمال على رب العالمين، وهذا فيه لَفْتٌ لأنظار الأمة من بعده في هذا الشهر الكريم أن يحاول المسلم أن يكون على
أكمل حال من الطاعة في شهر شعبان وقت عرض الأعمال على الله عزَّ وجل، وهذا مدعاة أن ينظر الله إليه نظرة رحمة ومغفرة إن كان من تقصير في أعماله المعروضة على رب العالمين، ولا شك أن إصلاح ذات البين وإنهاء الخصومات من أكبر الطاعات المطلوبة خصوصًا في هذا الشهر الكريم؛ وذلك لما لها من فضل كبير، فعَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-:"أَلا أُخْبِرُكُمْ بِأَفْضَلَ مِنْ دَرَجَةِ الصِّيَامِ وَالصَّلاةِ وَالصَّدَقَةِ"؟. قَالُوا: بَلَى. قَالَ: "صَلاحُ ذَاتِ الْبَيْنِ؛ فَإِنَّ فَسَادَ ذَاتِ الْبَيْنِ هِيَ الْحَالِقَةُ" (رواه الترمذي).
ونهاية أقول لك أخي المسلم وأختى المسلمة ها هو رجب يمضى وما أحسنت فيه و ها هو شهر شعبان المبارك ، "افق يامضيع الأوقات جهلا ... فسوف تفارق اللذات قسراً .... ويخلي الموت كرهاً منك دارك تدارك ما استطعت من الخطايا بتوبة مخلص ... واجعل مدارك على طلب السلامة من جحيم ... فخير ذوي الجرائم من تدارك".. وكل عام وأنتم بخير
منـــــقــــــول
ذكّرت نفسي وأحببتُ أن أُذكِركُم ،,قد يطول المقال ولكن ما هي إلا كلمات آتمنى أن تلامسها قلوبنا وعقولنا قبل فوات الآوان ،,
هاهي قد وضعتها لتتآملوها،,وعسى الله يبارك لكم وتغتنوها من فرصه ,،
مضى رجب وما أحسنت فيه *** وهـــــــذا شهر شعبان المبارك
يا مضيع الأوقات جــــهلا بحر *** مـــــــــتها أفق واحذر بوارك
فسوف تفارق اللذات قــــــسرا *** ويخلي الموت كرها منك دارك
تدارك ما استطعت من الخطــــايا *** بتوبة مخلص واجعل مدارك
على طلب السلامة من جحـــــيم *** فخير ذوي الجرائم من تدارك
قال ابن رجب رحمه الله : صيام شعبان أفضل من صيام الأشهر الحرم ، وأفضل التطوع ما كان قريب من رمضان قبله وبعده ، وتكون منزلته من الصيام بمنزلة السنن الرواتب مع الفرائض قبلها وبعدها وهي تكملة لنقص الفرائض ، وكذلك صيام ما قبل رمضان وبعده ، فكما أن السنن الرواتب أفضل من التطوع المطلق بالصلاة فكذلك يكون صيام ما قبل رمضان وبعده أفضل من صيام ما بَعُد عنه .
وَعَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اَللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ: كَانَ رَسُولُ اَللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَصُومُ حَتَّى نَقُولَ لَا يُفْطِرُ, وَيُفْطِرُ حَتَّى نَقُولَ لَا يَصُومُ, وَمَا رَأَيْتُ رَسُولَ اَللَّهِ صلى الله عليه وسلم اِسْتَكْمَلَ صِيَامَ شَهْرٍ قَطُّ إِلَّا رَمَضَانَ, وَمَا رَأَيْتُهُ فِي شَهْرٍ أَكْثَرَ مِنْهُ صِيَامًا فِي شَعْبَانَ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ، وَاللَّفْظُ لِمُسْلِمٍ
قال الفقيه العلامة محمد بن صالح العثيمين رحمه الله في حديث عائشه رضي الله عنها:
أولا عائشة رضي الله عنها وغيرها من أمهات المؤمنين عندهن من العلم بحال النبي صلى الله عليه وسلم في بيته ما ليس عند غيرهن ولهذا كان النفر الثلاثة الذين سألوا عن عمل النبي صلى الله عليه وسلم في السر إنما سألوا زوجاته لأنهن أعلم وهذا من فوائد تعدد زوجات النبي صلى الله عليه وسلم من أجل أن يحفظن من أعماله في السر ما لا يحفظه غيرهن
تقول {كَانَ رَسُولُ اَللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَصُومُ حَتَّى نَقُولَ لَا يُفْطِرُ }
يعني يصوم ويكثر الصوم وعلى العكس من ذلك وهذا غير الصيام المعتاد الذي كان النبي عليه الصلاة والسلام يعتاده
لماذا يموه؟ لأن النبي صلى الله عليه وسلم إمام الأمة وقائد الأمة تعتريه أشغال وأحوال يكون فيها بعض العبادات أفضل من بعض فيراعي النبي صلى الله عليه وسلم ما هو أفضل
ولهذا نحن نجزم أنه ما خرج مع كل جنازة ولا صام كل يوم ولا يوما وأفطر يوما
وهكذا ينبغي للإنسان لأن يكون سائسا لنفسه ، إذا رأى فيها إقبالا على عمل ما وهو عمل صالح يفعل ما لم يشغله عن فريضة
ومنه أخذ العلماء تلك القاعدة المشهورة : وهو ما قد يعرض للمفضول ما يجعله أفضل من الفاضل ، كل ذلك باعتبار المصالح .
لكن التبادل إنما هو في أعمال التطوع فقد يكون هذا الشخص يصوم ونقول إن الصوم لك أفطر وهذا الشخص يفطر ونقول إن الفطر لك أفضل
حتى قال العلماء لو أن طالب العلم إذا صام حصل له كسل وتعب ولم يجد نشاطه في طلب العلم ، قالوا الأفضل أن يفطر لأن طلب العلم افضل من الصوم
وكذلك أيضا لو الإنسان رأى أنه تعب أو مل من الصلاة فنقول له نم فالنوم أفضل .
قولها { وما رأيته استكمل صيام شهر قط إلا رمضان } :
إذا الرسول عليه الصلاة والسلام لا يصوم الشهر المحرم مع أنه قال لما سئل أي الصيام أفضل قال شهر الله المحرم وهو عليه الصلاة والسلام وإن صام في محرم لا يستكمله قطعا .
قالت ( وما رأيته في شهر أكثر منه صياما في شعبان )
وظاهر كلامها حتى في محرم قيل لأن هذا الشهر شهر يغفل فيه الناس بين رجب ورمضان فأحب صلى الله عليه وسلم أن يكون فيه متعبدا وقيل بل لأن شعبان في مقدمة يدي رمضان
وقيل من أجل أن يمرض نفسه على الصوم ليتقبل رمضان
وتعدد العلل مما يزيد الحكم قوة
العبادات المستحبة في شعبان
أما ما كان يحرص عليه الرسول في هذا الشهر :
ــ الصوم: فقد كان من أكثر الأعمال التي يحرص عليها الرسول الكريم في شهر شعبان ،ففي روايةٍ لأبي داود عن عائشة- رضي الله عنها- قالت: "كَانَ أحَبّ الشّهُورِ إلَى رَسُولِ الله- صلى الله عليه وسلم-ُ شَعْبَانُ فكان يكثر الصيام فيه ثُمّ يَصِلُهُ بِرَمَضَانَ". صحَّحَه الألبانيّ انظر صحيح سنن أبي داود، وإنَّ من الاقتداء برسولنا صلى الله عليه وسلم أن نحب ما أحبه رسول الله.
وعن عائشة رضي الله عنها قالت: "كَانَ رسولُ اللهِ يَصُومُ حتى نقول: لا يُفْطِر، ويُفْطِر حتى نقول: لا يَصُوم، وما رأيتُ رسولَ اللهِ استَكْمَلَ صِيامَ شَهْرٍ إلاَّ رمضانَ، وما رَأيتُه أكثر صيامًا منه في شعبان" (رواه البخاري ومسلم) وفي رواية لمسلم:"كَانَ يَصُومُ شَعْبَانَ كُلّهُ، كَانَ يَصُومُ شَعْبَانَ إِلاّ قَلِيلاً"، الله: كان صيامه في شعبان تَطَوَّعًا أكثر من صيامه فيما سواه وكان يصوم معظم شعبان.
وترجع فوائد الصيام في شهر شعبانإلي أنَّ صيامه كالتمرين على صيامِ رمضان لئلا يدخل في صوم رمضان على مشقة وكلفة، بل يكون قد تمرَّن على الصيام واعتاده فيدخل رمضان بقوة ونشاط.
ــــ المحافظة على الصلوات الخمس في جماعة: وقد تعددت الأحاديث التي ذكرت لنا فضل المحافظة على صلاة الجماعة والترهيب من تركها مع القدرة عليها، فعن ابن عمر- رَضيَ اللَّهُ عَنهُ- أن رَسُول اللَّهِ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّم- قال: "صَلاةُ الجَمَاعَةِ أَفْضَلُ مِن صَلاَةِ الفَذِّ بِسَبْعٍ وَعِشْرِينَ دَرَجَة" (مُتَّفَقٌ عَلَيهِ) والفَذّ أي المنفرد، يقال: فَذَّ الرجل من أصحابه إذا بَقِيَ منفردًا وحده .
قراءة القرآن وختمه وحفظه ومراجعته: وبما أن شعبان يأتى كمقدمة لرمضان فإنه يكون فيه شيء مما يكون في رمضان من الصيام وقراءة القرآن والصدقة، قال سلمة بن سهيل كان يقال: شهر شعبان شهر القُرَّاء، وكان حبيب بن أبي ثابت إذا دخل شعبان قال: هذا شهر القُرَّاء، وكان عمرو بن قيس المُلائي إذا دخل شعبان أغلق حانوته وتفرَّغ لقراءة القرآن.
وهذا من أعظم أبواب الخير، وله من الفضل والأجر الكبير عند الله عزَّ وجل، فعن عَبْدِ الله بنَ مَسْعُودٍ قال: قالَ رَسُولُ الله- صلى الله عليه وسلم-: "مَنْ قَرَأَ حَرْفَاً مِنْ كِتَابِ الله فَلَهُ بِهِ حَسَنَةٌ وَالْحَسَنَةُ بِعَشْرِ أَمْثَالِهَا لاَ أَقُولُ آلم حَرْفٌ، وَلَكِنْ أَلِفٌ حَرْف ولامٌ حَرْفٌ وَميمٌ حَرْفٌ"، رواه الترمذي وقال: هذا حديثٌ حسنٌ صحيحٌ .
ـــ الدعاء لقبلة المسلمين الأولى: ففي شهر شعبان كان تحويل قبلة المسلمين من المسجد الأقصى إلى المسجد الحرام {قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاءِ فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضَاهَا فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَحَيْثُ مَا كُنتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ} (البقرة: من الآية 144)، ولا أقل ونحن نرى ما يحدث للمسجد الأقصى أولى القبلتين أن نتذكره ولو بالدعاء أن يعيده الله لنا وأن يحرره من أيدي اليهود المغتصبين.
التعود على قيام الليل:فكثير من المسلمين لا يحرص على قيام الليل إلا في رمضان، ومَن يحرص عليها في رمضان يجد في الحرص عليها مشقة كبيرة، وأرى أنَّ سبب ذلك هو عدم التعود على القيام في غير شهر رمضان، وحين تُفاجئنا صلاة القيام في رمضان نجد مشقةً كبرى في المحافظة عليها، ولو أنَّ أجسامنا تعودت قبل رمضان وطوال العام على صلاة القيام مَا وجدنا مشقةً في المحافظة عليها في رمضان، فلا أقل من أن تحرص على صلاة القيام في شعبان من باب التعود على القيام قبل رمضان، ولو بركعتين خفيفتين في جوف الليل.
ــ إصلاح ذات البَيْن: فكما سبق في الحديث أنَّ شهر شعبان هو الشهر الذي تُعرض فيه الأعمال على الله عزَّ وجل، فأَحَبَّ النبيُّ- صلى الله عليه وسلم- أن يكون على حالة من الطاعة وقت عرض الأعمال على رب العالمين، وهذا فيه لَفْتٌ لأنظار الأمة من بعده في هذا الشهر الكريم أن يحاول المسلم أن يكون على
أكمل حال من الطاعة في شهر شعبان وقت عرض الأعمال على الله عزَّ وجل، وهذا مدعاة أن ينظر الله إليه نظرة رحمة ومغفرة إن كان من تقصير في أعماله المعروضة على رب العالمين، ولا شك أن إصلاح ذات البين وإنهاء الخصومات من أكبر الطاعات المطلوبة خصوصًا في هذا الشهر الكريم؛ وذلك لما لها من فضل كبير، فعَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-:"أَلا أُخْبِرُكُمْ بِأَفْضَلَ مِنْ دَرَجَةِ الصِّيَامِ وَالصَّلاةِ وَالصَّدَقَةِ"؟. قَالُوا: بَلَى. قَالَ: "صَلاحُ ذَاتِ الْبَيْنِ؛ فَإِنَّ فَسَادَ ذَاتِ الْبَيْنِ هِيَ الْحَالِقَةُ" (رواه الترمذي).
ونهاية أقول لك أخي المسلم وأختى المسلمة ها هو رجب يمضى وما أحسنت فيه و ها هو شهر شعبان المبارك ، "افق يامضيع الأوقات جهلا ... فسوف تفارق اللذات قسراً .... ويخلي الموت كرهاً منك دارك تدارك ما استطعت من الخطايا بتوبة مخلص ... واجعل مدارك على طلب السلامة من جحيم ... فخير ذوي الجرائم من تدارك".. وكل عام وأنتم بخير
منـــــقــــــول